الأردن، جبهة الوعي المتقدمة في مواجهة محاولات التفكيك

العضو رؤى السكارنة العبادي من قطاع الصحة في الجيل الثالث تكتب مقال بعنوان :
الأردن، جبهة الوعي المتقدمة في مواجهة محاولات التفكيك
في مرحلة دقيقة وحساسة من تاريخ منطقتنا، تتضح ملامح مشروع إقليمي واسع يتجاوز أدوات الصراع التقليدي، ليخوض معركة من نوع آخر، تستهدف الوعي الجمعي، وتضرب الثقة بالمؤسسات، وتحاول تفكيك النسيج الاجتماعي في الدول المستقرة، وفي طليعتها الأردن.
ما نشهده اليوم من عدوان على غزة، ومن حملات إعلامية ونفسية موازية، ليس إلا امتدادًا لمحاولة إعادة صياغة وعي الشعوب، وإشغالها داخليًا بنزاعات هامشية، تُمكّن العدو من تحقيق انتصارات لا تُقاس بحجم الدمار فقط، بل بمدى تفكك الجبهات الداخلية للدول المحيطة.
إن العدوان الدائر اليوم على غزة لا يمكن فصله عن مشروع أوسع يستهدف تفكيك الوعي العربي وتغييب هويته الجامعة. إنها ليست فقط حربًا عسكرية، بل حرب ممنهجة تُخاض على جبهة الوعي، وتسعى إلى إعادة تشكيل العقل الجمعي العربي، وطمس إحساسه بالانتماء، وتشويه مفاهيمه ومواقفه.
وهنا، تتجلى المسؤولية الوطنية والإنسانية لكل فرد في هذا الوطن بأن يرتقي إلى مستوى اللحظة التاريخية، ويكون قائدًا لوعيه، حارسًا لهويته، وسندًا لوطنه. فالفرد الواعي هو خط الدفاع الأول في معركة الإدراك والانتماء، وهو الحصن الذي تتحطم أمامه كل محاولات الاختراق الناعم والتهديد المعنوي.
إن الأردن، بقيادته الهاشمية الرشيدة، وبشعبه المتمسك بثوابته، لا يتعامل مع هذه المحاولات كأزمات عابرة، بل كمواجهات استراتيجية تستدعي اليقظة المستمرة، وتحصين الجبهة الداخلية عبر تعزيز الثقة، وترسيخ الخطاب الوطني الواعي، وبناء سردية جامعة تحصّن المجتمع من التشظي والانقسام.
وفي هذا السياق، فإن الشباب الأردني، بكل طاقاتهم ومواقعهم، مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن يكونوا روادًا للوعي، وقادة للمواقف، لا أدوات تُستغل في معركة التشويش والانقسام. فكل شاب يمتلك منبرًا، سواء في محيطه أو عبر منصات التواصل، هو مسؤول عن الكلمة التي يختارها، والصورة التي يروّج لها، والخطاب الذي يتبناه.
إن الانخراط في هذه المواجهة الوجودية لا يتطلب حمل السلاح، بل يتطلب الوعي، والانتماء، والإيمان بأن وحدة الصف هي الحصن الأخير في وجه مشاريع التقسيم. فالمعركة القادمة لا تُخاض فقط في الميدان، بل في العقول، وفي تفاصيل الحياة اليومية، وفي القرار الفردي بأن نكون على قدر المسؤولية التاريخية.
إن الأردن، بتماسكه السياسي والاجتماعي، وبوعيه المتجذر، سيبقى صخرة تتحطم عليها كل محاولات التلاعب والتفكيك، وجبهة الوعي المتقدمة في معركة الكرامة والانتماء.
أبناء الأردن، سُور الوطن وحُصنه في وجه الفتنة والتفكيك
في حين تتكشّف المخططات التي تُحاك في الخفاء والعلن، والتي تهدف إلى ضرب وحدتنا الوطنية وتفكيك نسيجنا الاجتماعي. لا تخفى على أحد محاولات الاحتلال الصهيوني وأعوانه، لإضعاف الجبهة الداخلية في الأردن والعالم العربي، بهدف كسب الحرب على غزة، ليس فقط بالسلاح، بل بزرع الفتن، وتفكيك الشعوب من الداخل، وإشغالها بذاتها عن قضاياها الكبرى.
لكنّ ما لا يُدركه أعداء الأمة، أن الشعب الأردني وُلد من رحم الصمود، ونشأ على أرض لا تنبت فيها إلا الكرامة، وتربى على قيم النخوة، العزّة، والتضحية من أجل الوطن والأمة. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى تلاحمنا… نحتاج أن نكون سدًّا منيعًا في وجه كل محاولات التفتيت. نحتاج أن نرتقي فوق الخلافات الصغيرة، وأن ندرك أن وحدتنا هي سلاحنا الأول في هذه الحرب المعنوية التي لا تقل شراسة عن المعارك العسكرية.
إن الحرب اليوم ليست فقط على غزة، بل على وعي الإنسان العربي، على هويته، على إحساسه بالانتماء. يُراد لنا أن نفقد البوصلة، أن نُشكك في بعضنا، أن نُصدّق الأكاذيب وننجرّ خلف الإشاعات. وهنا يأتي دور كل فرد في هذا الوطن: أن يكون قائدًا لنفسه.
القائد الحقيقي لا ينتظر التعليمات، بل يُحصّن نفسه بالوعي، ويُميّز الحق من الباطل، ويزرع الأمل في من حوله، لا الهزيمة. القائد الحقيقي لا يُشكّك، بل يُوَحِّد. لا يَنقُض، بل يَبنِي. كل مواطن أردني اليوم هو في موقع المسؤولية، كل كلمة تُكتب أو تُقال تُشكّل وعيًا عامًا، إما أن تبني وإما أن تهدم. فلنختر البناء.
يا أبناء الأردن، في زمن التزييف، يصبح قول الحقيقة بطولة، والتمسك بالمبادئ شجاعة. لا تسمحوا لأحد أن يسرق بوصلتكم، ولا تدعوا للفتنة مكانًا بينكم. من شرق النهر إلى غربه، ومن الشمال إلى الجنوب، نحن شعب واحد، قلب واحد، جبهة واحدة، ولن تكون فتنة بيننا ما دمنا نُدرك أننا المستهدفون، وأن وحدتنا هي النصر الحقيقي.
كونوا قادة في بيوتكم، في أعمالكم، في مدارسكم، على منصات التواصل، وفي كل ساحة. لا تستهينوا بدوركم. هذه الحرب تحتاج وعيًا أكثر مما تحتاج سلاحًا، وتحتاج قلوبًا مؤمنة بأن فلسطين لن تُخذل، وأن الأردن سيبقى الحامي والسند.
نحن شعب لا يُقهَر… لأننا نعرف من نحن، ونعرف إلى أين نسير.