الشباب الأردني والعمل السياسي: طاقات واعدة لمستقبل ديمقراطي

المهندس رعد الدباس يكتب مقال بعنوان :
الشباب الأردني والعمل السياسي: طاقات واعدة لمستقبل ديمقراطي

يُعدّ الشباب الأردني اليوم ركيزة أساسية في بناء الوطن، فهم يشكّلون نسبة الاكبر من عدد السكان، ويمتلكون طاقات فكرية وإبداعية هائلة قادرة على إحداث التغيير الإيجابي في مختلف المجالات، ومع تنامي التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المملكة، تبرز الحاجة الماسة إلى تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية والمدنية، باعتبارهم القوة القادرة على تجديد الحياة العامة، والدفع بمسيرة الإصلاح والتنمية إلى الأمام.

أما أهمية إشراك الشباب سياسيًا
إن إشراك الشباب في العمل السياسي ليس ترفًا، بل ضرورة وطنية لضمان الاستقرار والاستمرارية، فالشباب ليسوا مجرد متلقين للقرارات والسياسات، بل هم مواطنون فاعلون يجب أن يكون لهم دور في صياغة تلك السياسات، والتأثير على القرارات التي تمسّ حياتهم ومستقبلهم، وقد أثبتت التجارب العالمية أن المجتمعات التي تعزز مشاركة الشباب في الحكم والإدارة، تحقق مستويات أعلى من الشفافية، والمساءلة، والتنمية المستدامة.

الواقع والتحديات
رغم وجود بعض المبادرات التي تسعى لتمكين الشباب الأردني سياسيًا، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. فضعف تمثيل الشباب في المجالس المنتخبة، وقلة فرصهم في الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى الشعور العام بالإقصاء أو بعدم التأثير، كلها عوامل تضعف من رغبتهم في الانخراط بالعمل العام. كما تلعب الثقافة المجتمعية السائدة دورًا في تهميش دور الشباب، من خلال التشكيك في قدراتهم أو تقليل أهمية مشاركتهم.

دور الدولة والمؤسسات في تمكين الشباب
تقع على عاتق الدولة الأردنية مسؤولية محورية في خلق بيئة تمكينية تشجع الشباب على الانخراط السياسي، من خلال تطوير منظومة التعليم لتشمل التربية على المواطنة والمشاركة السياسية ودعم المبادرات الشبابية في الجامعات والمجتمع المحلي ايضا تمويل ودعم برامج التدريب السياسي والقيادي للشباب.

كما تشكل مؤسسات المجتمع المدني دورًا تكميليًا من خلال بناء الوعي وتوفير منصات للحوار، وتنفيذ مشاريع تستهدف رفع كفاءة الشباب في مجالات المشاركة السياسية، وصناعة القرار، والمناصرة المجتمعية.

المشاركة المدنية كمدخل للسياسة
إن العمل السياسي لا يبدأ من البرلمان أو الأحزاب فقط، بل يمكن أن يتجسد في أبسط أشكال المشاركة المدنية، مثل الانخراط في الجمعيات الخيرية، المبادرات المجتمعية والمجالس المحلية، فهذه الأنشطة تغرس في الشباب روح القيادة والمسؤولية، وتؤهلهم للعب أدوار أكبر في المستقبل السياسي.

وهنا يأتي دور المعهد السياسي لإعداد القيادات الشبابية وأهميته

أولاً: الدور الرئيسي للمعهد السياسي:
-تنمية الوعي السياسي: يعمل المعهد على رفع وعي الشباب بالقضايا الوطنية ، مما يمكنهم من فهم التحديات السياسية واتخاذ مواقف واعية ومدروسة.
-تأهيل قيادات مستقبلية: يزود المعهد الشباب بالمعرفة والمهارات اللازمة للقيادة في المجالات السياسية، من خلال دورات تدريبية وورش عمل تحاكي الواقع السياسي.
-تعزيز قيم المشاركة: يشجع المعهد على الانخراط في العمل العام والسياسي، ويعزز قيم الديمقراطية والمواطنة الفاعلة والانتماء الوطني.
-بناء قدرات الحوار والنقاش: يوفر بيئة حوارية تتيح للشباب التعبير عن آرائهم، وتعلم آداب الاختلاف والتفكير النقدي والتفاوض.
-الربط بين النظرية والتطبيق: من خلال برامج محاكاة سياسية وتدريب عملي في الأحزاب أو المؤسسات الحكومية، يكتسب المتدربون فهماً عملياً للمشهد السياسي.

ثانياً: أهمية المعهد السياسي في المجتمع:
-سد الفجوة القيادية: يعدّ المعهد رافداً أساسياً لإعداد جيل جديد من القادة القادرين على إدارة مؤسسات الدولة والأحزاب مستقبلاً.
-الحد من التطرف واللامبالاة: يسهم في توجيه الطاقات الشبابية نحو العمل السياسي الإيجابي بدلًا من الانخراط في التيارات المتطرفة أو العزوف عن السياسة.
-تعزيز الاستقرار السياسي: من خلال إعداد قادة واعين ومدربين.
-خلق كوادر فاعلة في المجتمع المدني: لا يقتصر تأثير المعهد على المجال السياسي فحسب، بل يمتد إلى العمل المجتمعي والإعلامي والثقافي.

رسالتي :
إن الأردن، بتاريخه العريق وإرثه السياسي والاجتماعي، لا يمكن أن يحقق طموحاته في الإصلاح والتنمية دون الشباب، فهُم أمل الحاضر وصنّاع المستقبل، واستثمار طاقاتهم في العمل السياسي والمجتمعي ليس فقط واجبًا وطنيًا، بل هو الضمانة الحقيقية لدولة ديمقراطية حديثة قائمة على المشاركة والعدالة والتمثيل.